استيعاب المقروء
قطعة الأفارقة
1- لا نكاد نعرف شيئاً عن تاريخ الأفارقة الذين اقتلعوا
من أوطانهم وحقولهم ؛ ليُباعوا في سوق النخاسة ويلاقوا صنوف العذاب والإرهاب،
وربما يُعد كتاب "الجذور" لألكس هالي، الذي حصل إخراجه على صورة مسلسل
تلفازي جزءاً من الحقيقة التي تصف رحلة العذاب والألم الطويلة منذ لحظة الاختطاف
مروراً بالأقفاص الخشبية التي كان يُحجز فيها الأفارقة قرب السواحل قبل شحنهم
بالسفن، ثم الرحلة الشاقة الرهيبة عبر الأطلسي حيث يوضعون في مقر السفينة ويُربطون
بالسلاسل الحديدية.
2- وتشير العديد من المصادر إلى أن أعداداً كبيرة منهم
لاقوا حتفهم بسبب إصابتهم بمرض الكوليرا، أو الحمى الصفراء، ولقد أُلقي العديد من
هؤلاء المرضى في قاع المحيط بعد أن خاف البرتغاليون من انتشار الوباء بينهم، وإذا
وصلوا إلى ساحل البرازيل وُضعوا في مخابئ أرضية. لقد تم ترحيل الأفارقة من إفريقيا
الغربية إلى البرازيل في أوائل القرن السادس عشر بواسطة المستعمرين البرتغال؛
للعمل كعبيد في المزارع والمصانع، وبالرغم من انتشارهم في أنحاء البرازيل كافة إلا
أن الأغلبية الساحقة منهم تقطن شمال لاسيما في ولاتي باهية، ورسيفي
3- لم تنته رحلة العذاب في البواخر، بل تواصلت عبر السنين،
وعلى أرض البرازيل؛ لتثمر قهراً وحسرة في قلوب المسلمين، أو تنصراً وكفراً في نفوس
إخوانهم وأبنائهم، وقد تمسك بعضهم بإسلامهم بالرغم من بعدهم عن أرض الإسلام ومنابعه.
وبالرغم من العذاب والمشقة رأى الأفارقة أنهم فقدوا حريتهم الدينية والعقائدية،
وحينها بدؤوا في تنظيم صفوفهم، والعمل على الحفاظ على مبادئهم الإسلامية، وتعليم
أبنائهم القرآن والكتابة العربية، أضف إلى ذلك التخلص من قيد العبودية، والعودة
إلى وطنهم الأم إفريقيا.
4- وقد قام هؤلاء المسلمون الأفارقة بثورات عديدة ضد
هؤلاء المتسلطين الإقطاعيين، وأسسوا في إحدى تلك الثورات مملكة تحاكي ما هو معروف
من الممالك الإسلامية في غرب إفريقية. وتلك المملكة الإفريقية يسميها البرازيليون
اليوم بـ "المملكة الزنجية" قد بلغ عدد الأفارقة المستعبدين في باهية
وما حولها أرقاماً كبيرة، فقد ذكر مؤرخ اسمه ملت برني، أنه في عام 1855م كان عدد
سكان البرازيل (7,677,000) نسمة منهم ثلاثة ملايين من الزنوج، ومليونان من
الخلاسين وهم المختلطون الذين ألوانهم بين السواد والبياض. فإذا أضيف إليهم عدد
السكان الأصليين الذين يُسَمَّون الهنود الأمريكيين، أو الحمر آنذاك، وهو أربع مئة
ألف نسمة - صارت نسبة ذوي الأصول الإفريقية حوالي 40%.
5- ويقول المؤرخون : إن الأفارقة أنشأوا لهم كياناً
برئاسة ملك له خلافة وراثية في منطقة بلمارس، واسمه (الملك زومبي)، وأعلن أن دولته
حرة مستقلة، ووضع دستوراً لبلاده في مادته الأولى: احترام الحرية الشخصية لكل من
يشاء العيش في دولته. كان المستعمرون البرتغاليون يحاربون بلا هوادة، وكانت أولى
المعارك الكبيرة بين الطرفين في عام 1643م. ثم توسعت دولة "زومبي"
واحتلت أكثر من عشرين موقعاً من النواحي القريبة منها، وموقعها الآن في ولاية "الأقواس"
الملاصقة لولاية باهية.
6- وظلت الحرب بين دولة
السود المسلمين الأفارقة ودولة البرتغال بإمكاناتها الكبيرة من الرجال والعتاد بعد
ذلك لمدة خمس سنوات بدون أن يكون لدى الأفارقة شيء من ذلك إلا تضحية رجالهم
المتسلحين بأسلحة خفيفة. وقد سجل المؤرخون البرتغاليون أن الجيش البرتغالي كان
يقضي على أسرى السود بدون شفقة؛ سواء أكانوا رجالاً أم نساء، وسواء أكانوا شيوخاً
أم أطفالاً. وفي 21 يونيو 1678م جرى صلح بين ملك السود وبين البرتغالي لم ترض عنه
أكثرية السود، فتتابعت الحرب إلى عام 1678م.
الأفارقة عندما كانوا يأخذون كانوا يأخذون إلى ناحية